برغم شكوك المراقبين حول توتر العلاقات السعودية- الأمريكية؛ إلا أن استمرار التنسيق بين الدولتين يؤكد حاجة الدولة العظمى للاقتراب من حليفتها الأهم في الشرق الأوسط مهما بلغت تلك الخلافات، والتي تتضاءل أمام حاجة كل منهم للآخر لإيقاف فتيل الإرهاب العالمي.
تلك المخاوف التي تُقلق الشريكين؛ سرعان ما تلاشت مع الاتصالات رفيعة المستوى التي استمرت بين قادة البلدين لتنسيق الجهود؛ حيث تلقّى ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً أمس من وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر.
وجرى خلال الاتصال بحثُ وتوسيع مجالات التنسيق مع المملكة ودول الخليج حيال القضايا الإقليمية والدولية والعسكرية، وتعزيز فرص الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب، إلى جانب تنسيق الجهود الأمريكية الخليجية من أجل مواجهة التطرف الذي تدعمه بعض الدول، ومواجهة الدور الإيراني في المنطقة الذي أدى إلى تدهور الأوضاع في المنطقة.
ويأتي هذا التواصل بين المسؤولين الأبرز عسكرياً في الجانبين؛ ليعطي دلائل واضحة بالرغبة المشتركة في إنهاء الخلافات والتعاون في مكافحة الإرهاب الذي ضرب العديد من الدول الغربية، والتي كان آخرها تفجير مطار بروكسل؛ في ظل الرغبة السعودية الجادة لتجفيف منابع التطرف، وإيقاف الإرهاب الذي تُصدّره إيران وحلفائها لدول العالم.
يأتي ذلك بعد أسبوعين من التوتر بين أمريكا وعدد من حلفائها عقب تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد عديد من أصدقائه الأوروبيين والعرب بشكل غريب.
ولاقت تعليقات أوباما الأسبوع الماضي ردود فعل غاضبة من أغلب حلفائه؛ فيما اعتبره مراقبون عبر العالم تصريحات تجاوزت قواعد الدبلوماسية الحذرة التي نهجها أوباما منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة.
في حين انتقد مرشحو الحزب الجمهوري أوباما في مناظرة بثها تلفزيون “سي إن إن”، ووجّهوا انتقادات لما وصفه مذيع القناة بـ”أوباما دوكتورين”؛ أي نظرية أوباما.
وقال المرشح ماركو روبيو: إنه لا يعتبرها نظرية؛ وإنما “هي دليل على فشل أوباما في السياسة الخارجية خلال سنواته في البيت الأبيض، ثم ها هو يريد أن يقدم الأعذار لفشلها”.
وانتقد روبيو قول أوباما إن قدرات الولايات المتحدة “تظل مقيدة في نهاية المطاف”، وأن هناك “حدوداً للمدى الذي يمكن أن تذهب إليه الولايات المتحدة لحماية حلفائها في الشرق الأوسط”. وأردف روبيو: “رئيس الولايات المتحدة يقول إن الولايات المتحدة دولة ضعيفة”.
ولم تفلت تصريحات أوباما من انتقادات أخرى؛ حيث نشرت “تامارا ويتس” مقالاً تنتقد فيه أوباما، وقالت “ويتس”: إنه “يتحمل مسؤولية ما يشتكي منه”. وأشارت إلى “سلسلة أخطاء” ارتكبها أوباما؛ أبرزها: “سحب كل القوات الأمريكية من العراق، وعدم مواجهة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد منذ انطلاق الأزمة”.
وكتبت أن أوباما “حاول تحاشي أخطاء الرئيس الذي سبقه (جورج بوش الابن)؛ لكنه لم يحل مشكلات عدم الاستقرار في المنطقة؛ وبالتالي ساعد على ظهور تنظيم داعش، وعلى توسعه”.
وقالت: إن تراجع أوباما عن تحذير “الخط الأحمر” ضد الرئيس السوري؛ “هو الذي جعل شركاءنا الإقليميين يتخذون مبادرات لمواجهة ما تجاهله أوباما”.