لم يكن شخصًا عاديًا، بل منذ توليه منصب ولي ولي العهد، ومن ثم ولاية العهد، وهو حلم الشباب السعودي وقدوته، بل وقدوة كل شباب الشعوب المستضعفة في المنطقة، ليس من فراغ، بل من أفكاره المبتكرة، وخططه ومشاريعه التي فاضت وتفيض وستظل تفيض على الجميع. واليوم نرى ذلك يتجسد بالمؤتمر الثاني لـ “دافوس الصحراء”، الذي انطلق في مثل هذه الأيام العام الماضي، رافعًا الستار عن أحلام ومشاريع خيالية، تحوّل الرمال ذهبًا، لتتغير خارطة الشرق الأوسط، وتكون السعودية هي شريان هذه الحياة الجديدة، وهو ما نترقبه مرّة أخرى هذه الأيام، لنكون أمام سبب آخر للتعزيز مكانة المملكة الاقتصادية عالميًا.
نظرة خلال عام من الزمن:
تطلق الرياض اليوم واحدة من أهم الفعاليات الاقتصادية في العالم، وهو مؤتمر مبادرة الاستثمار، والذي أطلق عليه “دافوس الصحراء”، في إشارة إلى أهمية هذا الملتقى الاقتصادي، الذي يأتي ليؤكد الرحلة المستمرة لنجاح المملكة اقتصاديًّا، بعد نجاح مؤتمر الاستثمار الأول الذي احتضنته المملكة في أكتوبر من العام الماضي.
في المؤتمر الأول لـ “دافوس الصحراء”، كشف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن خطته لإنشاء “نيوم”. كما تعهدت الرياض بمضاعفة حجم صندوق ثروتها السيادي “صندوق الاستثمارات العامة” ليصل إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020، معلنة عن استثمار مليار دولار في شركة “فيرجن غالاكتيك”.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قاد مسعى المملكة لتحديث اقتصادها، وتخفيض الاعتماد على النفط، وهو الأمر الذي بدأ في وقت مبكر يؤتي ثماره، على مستويات عدة، اقتصادية واجتماعية.
واعتمد ولي العهد، في إنشاء “نيوم”، على مخطط لإنشاء منطقة استثمارية تجارية وصناعية بكلفة 500 مليار دولار، على الساحل الشمال غربي للبلاد، والذي يمثل طفرة اقتصادية كبيرة للمملكة والمنطقة، على غرار “دافوس” السويسرية، لنرى في مبادرة مستقبل الاستثمار فرصة فريدة يطرح خلالها المجتمع العالمي في المملكة العربية السعودية، فكراً طموحاً حول مستقبل الاقتصاد العالمي مع واقع الاستثمار.
ويساهم صندوق الاستثمارات العامة، الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان، في دفع عجلة هذا الفكر، الذي يتمحور حول الخدمات المالية والرعاية الصحية والعلوم الحياتية، فضلاً عن التخطيط الحضري والبنية التحتية، وجميعها مجالات نرى فيها تغيرات جذرية أمامنا في المستقبل وتُعد محورية لتطور المملكة والاقتصاد العالمي ككل.
ولنتذكر معًا، فقد وقع اختيار منظمو المنتدى على “صوفيا” الروبوت كمتحدثة “استثنائية” خلال فعاليات المنتدى، وهي الروبوت الأكثر تقدماً الذي طورته شركة هانسون روبوتيكس الأميركية، والمصمم بطريقة تشبه الإنسان، حيث إنه قادر على إظهار مجموعة من التعابير على وجهه، ويستطيع النظر في أعين الناس، وعقد محادثات طبيعية معهم.
كيف أصبحت الرياض قِبلة الاقتصاديين والمستثمرين؟
قصة هذا التحول وجذب الأسماء العريقة في عالم المال، تعود إلى عام 2015، حين أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خطة طموحة لإنهاء اعتماد السعودية على النفط، وتنويع مصادر الدخل، وجذب الاستثمارات العالمية نحو المملكة.
وكان من بين الحاضرين في هذا الحدث العالمي العام الماضي، المؤسس المشارك لمجموعة “بلاكستون” العملاقة في مجال الأسهم الخاصة ستيفن شوارزمان، ومؤسس “سوفت بنك” ماسايوشي سون، ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين، والملياردير الشهير وصاحب الاستثمارات الضخمة بيتر تيل، ورئيس “بلاك روك” أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم لورنس فينك، وهذه قائمة مختصرة عن الشخصيات العالمية التي شاركت في هذا التجمع العالمي.
كبريات الشركات في وول ستريت عاصمة المال والأعمال العالمية، قامت بإرسال أعداد كبيرة من المصرفيين والاقتصاديين؛ لحضور هذا الحدث، الذي يشير إلى أن السعودية اليوم أكثر ثقة وقوة، فهذا التجمع هو مثال على القوة والنفوذ الجديدين اللذين تملكهما المملكة العربية السعودية في عالم المال والأعمال، عقب التحولات المهمة التي تشهدها في العهد الجديد؛ لجذب الأموال والاستثمارات والأعمال وإنهاء الاعتماد على النفط.
تحرك قوي لتنويع الاقتصاد:
المملكة تتحرك بقوة لتنويع اقتصادها وتنفيذ إصلاحات مهمة، والكثير من مجتمع الأعمال والاقتصاديون في العالم أصبحوا مهتمين جداً بالمملكة، والدخول معها كشريك اقتصادي وتجاري قوي، ولفهم تأثير المملكة الجديد على مجتمع الأعمال كل ما نحتاجه ببساطة هو متابعة الأموال وتحركها، والاهتمام العالمي نحو المملكة.
هكذا ساهمت رؤية 2030 الطموحة، بتحول المملكة العربية السعودية إلى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، تستقطب أكبر المستثمرين حول العالم، لاسيّما أنَّ الأمير الشاب الذي يتمتع بكاريزما، استطاع أن يثبت إمكانات المملكة الاقتصادية، ونجاعة مشاريعها المستقبلية.
رغبة الأمير محمد في التغيير، ولدت تفاؤلاً بين جيل الشباب الذي يمثله، إذ إنَّ 70% من سكان المملكة، تقل أعمارهم عن 35 عامًا، فيما ترتكز صيغته للتجديد الوطني على فتح الحريات الاجتماعية وتحديث الدولة، ويومًا بعد يوم أثبت الأمير محمد بن سلمان أنَّ المملكة العربية السعودية ماضية في طريقها نحو التحديث والتجديد، عوضًا عن اعتمادها المطلق على ثروتها المهولة من النفط، باعتبارها أضخم منتج ومصدر للبترول في التاريخ. وهذا ما جعل المملكة قبلة لتنوع مصادر الدخل بدءًا من السياحة الدينية، وانتهاء بالمشاريع الاستثمارية التي تشكل في مجملها سلسلة من الحلقات المتراصة والمتشابكة، التي يؤدي النجاح في أحدها إلى النجاح في باقي الحلقات.