تكتسب زيارة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، للولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة أهمية خاصة،كما يناط بها دور محوري لأسباب عديدة، منها: أنها أول زيارة لمسؤول سعودي رفيع بعد إعلان رؤية السعودية 2030، وكذلك برنامج التحوُّل الوطني، وكونها أيضًا اتجهت نحو الشريك والحليف التاريخي الأعرق، بما ينعكس على البلدين في ظل ظروف المرحلة التي يمران بها.
وكمشاهدات عن قرب، أحسب أن مفهوم الزيارة للوفود المصاحبة عادة لهذا النوع من الزيارات بدأ يدخل في مفهوم مختلف أكثر تفاعلاً، وفقًا للأهداف الأساسية.
سمة التفاعل الأكثر إنتاجية هو أمر يمكن ملاحظته في كل مرة يذهب فيها ولي ولي العهد في زيارة من زياراته. فعلى مستوى الوزراء المصاحبين لم يقف الأمر هذه المرة على حضور لقاءات الأمير الرسمية مع كبار المسؤولين الأمريكيين، بل كان من اللافت جدًّا تكليفهم بمهام ضمن عمق الأهداف للزيارة؛ إذ طُلب منهم حضور لقاءات في عدد من أبرز المراكز البحثية والفكرية؛ وذلك لتقديم صورة كاملة عن رؤية السعودية 2030، التي يمكن – ببساطة – ملاحظة مدى الاهتمام الكبير بها على أعلى المستويات لدى المسؤولين الأمريكيين.
أيضًا، وفي خط موازٍ، فتح الأمير الشاب المجال لرؤساء التحرير والكتَّاب والمثقفين ضمن الوفد المصاحب للمشاركة في إيضاح الصورة لمستقبل السعودية، وذلك من خلال حضور نقاشات مع نظرائهم الأمريكيين، أو مسؤولين مختلفين في عدد من الولايات، بالتوازي بعد تقسيمهم لمجموعات.
البلدان ينظران بشكل مختلف جدًّا لهذه الزيارة؛ لما يتوقع أن ينتج منها من اتفاقيات، خاصة في المجال الاقتصادي؛ إذ سيكون لرؤية السعودية 2030 وما ينبثق منها من برامج نصيبٌ كبيرٌ، فيما سيحصدالجانب الأمريكي خيارات استثمارية عالية جدًّا، وربما ليس من المبالغة وصفها بغير المسبوقة.
هذا ليس بالمستغرب؛ فرؤية على هذا المستوى الذي لفت أنظار العالم تمثل مستقبل بلد، يُعدُّ من أبرز اللاعبين العالميين، خاصة في المجالين الاقتصادي والسياسي .
السعودية على هذا الوعد بمستقبل فارِه، يكتنزه ملف تولاه أمير شاب، يشارك السعوديين أحلامهم وآمالهم، وأخذ على عاتقه أمانة ذلك مشترطًا مشاركتهم تحقيق ذلك الحلم، وهو أمر لافت عندما يتم النظر للتحديات والصعوبات بأنها فرص! هكذا بكل بساطة.
أعود لمحور هذا المقال، وهو أن مفهوم زيارات الوفود الرسمية لم يعد مع ولي ولي العهد مجرد وفد رسمي ببروتوكولات معينة، وبحضور أقرب إلى المظهر (الشرفي)، بل تم نقله لمشاركة فاعلة في تحقيق الأهداف الرئيسية .
جانب آخر حول تغيير مفهوم حضور الوفود الرسمية، وهو المشاركة الفاعلة في تغيير النظرة الشعبية بشكل إيجابي في ظل وجود محاولات مضادة لنقل صورة سلبية. فالمحاضرات التي قدمها أصحاب المعالي الوزراء عن رؤية السعودية 2030، وأكثر من 500 مبادرة ضمن برنامج التحوُّل الوطني، ستترك أثرًا إيجابيًّا على مفهوم أمريكي، ربما لدى البعض، بأن السعودية لم تعد وفق صورة نابعة من ذهنية مغرضة، بل هي دولة مقبلة على مستقبل كبير، وتحوُّلات قوية نحو عالم متقدم اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا وإقليميًّا، وبداية ذلك جاءت مقدماتها على أعلى مستوى. وعلى سبيل المثال ما صرح به وزير الدولة د. محمد آل الشيخ، الذي أكد أن الرئيس أوباما كلف الفريق الاقتصادي له بتقديم تقرير عن رؤية السعودية 2030، وبرنامج 2020.
هذه الزيارة – بلا شك – عكست الاهتمام العالي من قِبل الحكومة الأمريكية ورجال الاقتصاد فيها والشركات الكبرى، التي حصد بعضها اتفاقيات واعدة جدًّا خلال أيام من بدء الزيارة، تشي بالكثير من تقريب وجهات النظر بين البلدَيْن حول ملفات راوحا فيها الاتفاق والاختلاف قُربًا وبُعدًا،إلا أنهما في كل الأحوال أثبتا أن هناك مصالح مشتركة وفرصًا كبيرة، تتطلب تجاوز بعض المطبات بطرق الكبار.