تكتسب زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القريبة إلى الصين واليابان، أهمية بالغة في توجيه دفة مستقبل الاقتصاد السعودي، وتحديد توجهاته وأدواته في المحافظة على المكتسبات التي حققها في عصر النفط؛ لتستمر معه في عصر ما بعد النفط. وبحسب محللين اقتصاديين؛ فإن هذه الأدوات لن تخرج عن توطين التقنية، وجلب التكنولوجيا عن طريق محاكاة التجربتين الصينية واليابانية، من خلال شراكات استثمارية صناعية وتجارية، تساهم في تحقيق تطلعات الشعب السعودي.
التكنولوجيا سلاح المملكة
وقال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين: إن “الشهور الماضية أثبتت أن المملكة قادرة على تجاوز أي عقبات أو أزمات اقتصادية عالمية، مهما كان تأثيرها، وقادرة أيضاً على إيجاد الحلول المناسبة لتجاوز هذه الأزمات من أقصر الطرق وبأيسر السبل، والمحافظة على مكانتها في صدارة قائمة أكبر وأقوى اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط”؛ مضيفاً: “من هنا كان الإعلان عن رؤية المملكة 2030، التي كشف عنها الأمير محمد بن سلمان قبل نحو ثلاثة أشهر، وتشير زيارته إلى الصين لحضور قمة العشرين، ثم اليابان، ثم الصين مرة أخرى في هذا التوقيت، إلى أن سلاح الاقتصاد السعودي في المرحلة المقبلة، هو سلاح التكنولوجيا والابتكار ونقل التقنية وتوطينها، واجتذاب استثمارات بمليارات الدولارات من شركات نوعية، تؤسس مشاريعها لجيل من رياديي الأعمال السعوديين في المملكة”.
توطين الصناعة
وأضاف “البوعينين”: “تتضمن “رؤية 2030“، أهدافاً طموحة، تعتمد في كثير من جوانبها على الاستثمارات الأجنبية، وتوطين الصناعة والتقنية، ونقل التكنولوجيا، وأحسب أن الصين واليابان تشكلان الدول الأكثر أهمية للمملكة في الوقت الحالي، بل هما القادرتان على المساهمة الفاعلة في تحقيق الكثير من متطلبات رؤية المملكة الاقتصادية، من خلال شراكات استثمارية صناعية وتجارية، تساهم في تحقيق تلك الأهداف بأسلوب سهل”.
وتابع: “التجربتان الصينية واليابانية من أنجح التجارب الاقتصادية في العالم، ومن المنطقي أن نحاكي هاتين التجربتين، ونقتفي آثارهما منذ كانتا في مرحلة النشوء والإعداد والتجهيز، إلى أن بلغتا مرحلة النضج حالياً”.
زمن الصين واليابان
وأردف: “أعتقد؛ بل وأؤمن، أن هذا هو زمن الصين واليابان، وأعني بذلك الهيمنة الاقتصادية لكل منهما، عبر اعتماد برامج تطوير أذهلت العالم، شملت كل مناحي الحياة في كل منهما؛ بدءاً من التعليم الجاد ومروراً بالإصرار والعزيمة على صنع المستحيل، وليس انتهاء بترجمة ما تعلموه في بناء اقتصاد قوي، يتحاكى به القاصي والداني”؛ مضيفاً: “يجب أن ندرك أن الدولة صاحبة الاقتصاد القوي اليوم، تمتلك صوتاً مسموعاً، ورأياً يعتد به بين دول العالم، وهذا ما تسير عليه المملكة في مرحلتها المقبلة، وأؤمن أنها ستصل إلى ما تسعى له”.
شراء المبدعين
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة، أن تحقيق أقصى درجات الاستفادة خلال الزيارة إلى الصين واليابان أمر في غاية الأهمية. وقال: “يدرك الأمير محمد بن سلمان أهمية تعزيز الصناعة في جميع المجالات بالمملكة خلال الفترة المقبلة مع توطين التكنولوجيا الحديثة، وهذا يتطلب جلب التقنية، وتدريب الشباب السعودي عليها، ليس هذا فحسب؛ وإنما مساعدة شابابنا على أن يكونوا شركاء للمبدعين في التوصل إلى براءات الاختراع التي يمكن تحويلها إلى منتجات تباع في الأسواق، وتجلب الفائدة”.
اتفاقيات متعددة الأنشطة
وأضاف: “توثيق العلاقة التجارية والاستثمارية والصناعية والتقنية مع الصين واليابان، من أهم الخطوات الداعمة لتحقيق أهداف المملكة المستقبلية ذات العلاقة بالإصلاحات الاقتصادية، ولا أستبعد أن تتمخض الزيارتان عن توقيع اتفاقيات نوعية ومتعددة الأنشطة في مجالات الطاقة، والصناعة، والثروات المعدنية، والصحة، والموارد المائية، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ بما يعزز تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030“.
وقال: “يجب ألا ننسى أن الصين ترتبط بأكبر الدول الصناعية في التبادلات التجارية مع السعودية؛ فالصين تحتل المرتبة الأولى من بين أكبر 10 دول مستوردة من المملكة؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2015م حوالى 185 مليار ريال. في الوقت الذي بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة واليابان في عام 2015م حوالى 118 مليار ريال. وهذا من حيث العلاقات التجارية”.